من المؤكد أن العمارة الإسلامية في الأندلس واحدة من الشواهد على روعة العمارة الإسلامية ومدى تميزها وتفردها عن مختلف الحضارات غير الإسلامية التي نشأت في قلب أوروبا.
والأندلس هي جزء رئيسي من تاريخ تواجد المسلمين في القارة الأوربية وهي أسبانيا الحالية حين كان يحكمها المسلمون وهي تضم جزيرة أيبيريا.
تضم أسبانيا العديد من أروع القصور والقلاع والمساجد والمنارات التي تشهد على براعة المسلمين في العمارة وتفردهم عن باقي العالم.
والحقيقة أن أروع الفترات التاريخية التي مرت على المعماريين هي تلك الفترة التي يطلق عليها المعمار الأندلسي في القرون الوسطى حين كان المسلمون يحكمون أسبانيا الحالية في الفترة من (711 – 1492).
في اعتقاد الكثير من المعماريين أن هذه الفترة غنية بالكنوز المعمارية التي مثيل لها وعلى الرغم من إنقضاء تلك الحقبة إلا أن الشواهد المعمارية سوف تظل شاهدة على روعة العمارة في عصر الأندلس.
الحقيقة أن الشواهد أكثر من أن يتم حصرها في مقال واحد ولكن يمكن أن نبدأ بتوثيق مدرى روعة تصاميم الواجهات من خلال القصور وواجهات المساجد المختلفة والتي لازالت شاهدة على الإتقان الفني والمعماري.
ولا يحتاج الإنسان إلى شهادة متخصصة في مجال المعمار حتى يستطيع تمييز النمط الأندلسي في المعمار الذي تميز بدمج عناصر الطبيعة وروعة بناء القباب والاستخدام المميز والأحواض والنافورات وتماثل البنائي في الحوانيت والحدائق.
وتميز النمط الأندلسي واستخدامات الصخور والرخام والعناصر المائية في تزيين النافورات وكل أعمال الزخارف بشكل عام وكذلك في كافة المحلات التجارية وفي النصب التذكارية المختلفة.
من أهم الخصائص المميزة في نمط الحضارة والبناء الأندلسي الجمال والبساطة تحديدا في الواجهات والمظهر الخارجي وذلك مع الاهتمام بالمنمنمات والتفاصيل الزخرفية التي تتميز بالدقة والجمال والدليل الأكبر على تميز ذلك العنصر تحديدا قصر الحمراء الذي يعتبر قلعة وقصر ومنازل وبيوت وسوق في مكان واحد وكأنه مدينة متكاملة فوق الجبل.
من مميزات النمط الأندلسي الإبتعاد عن الضخامة والابتعاد عن التمدد الطولي والإعتماد على النسب المناسبة لجسم الإنسان والأستخدام المطلوب من البناء وهذا على هكس النمط العباسي الذي تميز بالتركيز على الضخامة.
يمكن ملاحظة أن الواجهات كانت تتميز بعناصر جذابة مذهلة في الدقة والإبداع الفني حيث نجد الإعتماد على الأعمدة الرشيقة – والمقصور هنا بالرشيقة أي أنها رفيعة ذات طول متوسط يتناسب فيه الإرتفاع مع نصف القطر – واستخدام الزخارف والأشكال المعمارية المتميزة مثل الأقواس.
والأقواس لها شأن بالغ الأهمية في الحضارة الأندلسية الإسلامية فلقد تم استخدام تسعة من أشكال الأقواس المختلفة في البنايات والواجهات وهو العدد الأقصى الذي لم يسبق لأي حضارة سابقة أو لاحقة أن تقوم باستخدامه.
بشكل عام لقد أجاد العرب المسلمين في الأندلس تطبيق نظرية الهروب من الفراغات وعملوا على شغل الأماكن بالنقوش والزينة والزخارف وهذا ما منح الإنفراد والتميز للعمارة الأندلسية
اتسمت الزخارف في الواجهات بما يسمر الترويق وهو مصطلح ينم على استخدام الزخارف المعمارية في الأسقف والجدران.
الترويق يعتمد في الأساس على استخدام أوراق الشجر والزهور والعناقيد في التجميل وخاصة في الأركان والأماكن الضيقة وجواني الأسقف سواء من الداخل او الخارج.
وبالإضافة غلى الترويق برع الأموين – فترة الدولة الأموية في الأندلس – في الزخرفة الكتابية وهي فن استخدام الآيات القرآنية والأشعار والكلمات الحكيمة على الجدران والأسقف بالخط الكوفي المميز الذي فتح مجال كبير إلى فنون الجداريات المعمارية.
لم يسبق أحد الحضارة الأندلسية في استخدام الفخار المكسو بالزخارف في الديكور والتزيين وهو الأمر الذي تم إطلاق عليه أسم الزليج أو فن الأرابيسك الإسلامي.
وهو ما تميز به المسلمون في كل مكان لاحقا وهو فن خاص يعمد إلى استعمال الأضلاع والأشكال الهندسة والنجوم والتداخلات الهندسية في الزخرفة والكساء وهو الأمر المنتشر في قصر الحمراء بشكل خاص.
لقد تميز الفكر الإسلامي بشكل خاص بالابداع في استخدام الأشكال الهندسية في التجميل ويعتبر الأرابيسك واحد من الفنون الإسلامية الخاصة جدا والتي تعتبر حتى الآن من خصائص الحضارة الإسلامية وهي سمت إسلامي موجود في كافة المنابر والمساجد بشكل خاص.
في الحقيقة لا تخلو الأندلس من الآقار الشاهدة على روعة ودقة وجمال النمط الأندلسي ورقي الحضارة الإسلامية في المنطقة ولكن هناك العديد من الشواهد الأكثر تميزا والأكثر شهرة بين غيرها مثل:
المؤسس الذي قام ببناء المسجد هو الخليفة عبد الرحمن الأول في عام 787 وقد استمر البناء والتأسيس لسنوات طويلة بسبب بعض التوسعات والتجديدات المستمرة.
ومع هذا يحافظ المسجد على وحدة الشكل والتصميم ويظهر كما لو قد تم بناؤه في مرة واحدة.
تميز واختلف النمط المعماري في بناء مسجد قرطبة حيث أبدع طريقة جديدة في الفنون المعمارية وهي التي تم اعتمادها فيما بعد لتكون جزء لا يتجزأ من العمارة الإسلامية في الأندلس.
من حيث الناحية المعمارية لقد ساهم الحفاظ على أجزاء من مدينة الزهراء بشكل كبير في تحديد الهوية المعمارية والفنية المميزة للعمارة الإسلامية في الأندلس.
تلك الأثار هي ما أعطى اللمسة المميزة للفن الإسلامي في تلك الحقبة.
حافظت المدينة على العديد من الهياكل والبنايات التي تدل على جودة ونمط التصميم الأندلسي في تصميم الشوارع والمدن وكذلك الطريقة المتبعة في تقسيم المساحات الخاصة داخل القصور والمنازل وأماكن القاعات ونظم المساجد ودور العلم والأملاك الملكية وغيرها.
لقراءة المزيد عن فنون الحضارة الإسلامية بإمكانك الإطلاع على قسم مقالات سرايا
شارك الصفحة
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة سرايا الذوق الراقي © تصميم ديزلاين